الفصحى والعاميات
العربية لغة كونية عالميّة، وغير عرقيّة لأنّها تشكّلت من عدة عامّيات أو لغات، عكس اللغات الأوروبية التي تشكّلت من عامّيات اللغة اللاتينية. والعربية لغة منتشرة في العالم، لهذا توجد اللهجات والعامّيات في اللغة العربية مثل غيرها من اللغات، ولكنها لا تكتب ولا تصلح للتعليم ولا العمل، وهي منطوقة فقط. أما العربية الفصحى فيتحدّثها أكثر من 700 مليون إنسان من الدول العربية وغيرها، وجميعهم يفهمون ويستوعبون اللغة العربية الفصحى السليمة التي تُستخدم في الإعلام العربي الرسمي المرئي والمكتوب والمسموع في 22 دولة. وهناك لهجات أو عامّيات تختلف من مجتمع محليّ إلى آخر ومن دولة إلى أخرى. وهذه العامّيات أو اللهجات متعددة وكلّ عامّية يتحدّثها عدد محدود من الناس، وتكون محصورة في منطقة جغرافية، بينما تُستخدم العربية الفصحى في المؤسسات الرسمية في جميع الدول العربية وخارجها، وهي اللغة المعتمدة في الدساتير وأنظمة الحكم في الدول العربية.
ويتعبّد باللغة العربية ما يقرب من ملياري مسلم حول العالم يوميًا خمسَ مرّات في صلواتهم، إضافة إلى المسيحيين العرب الذين يصلّون بها في كنائسهم، كذلك هي اللغة السادسة الرسمية في الأمم المتحدة ومنظّماتها. ولهذا ننصح المتعلّمين بتعلّم اللغة العربية الفصيحة السليمة (نطقًا وقراءة وكتابة ومحادثة)، ليتمكّنوا من التواصل، وبعد إتقان الفصحى يمكن تعلّم اللهجات أو العامّيات، حسب المنطقة التي يرغب المتعلّم بمعرفة لهجتها أو عامّيتها لأسبابه وحاجته الخاصّة.
كذلك ننصح من يعلّم اللغة العربية، بأن يعتمد تعليم الناطقين وغير الناطقين بالعربية المهارات والقدرات الأساسية التي تبقى مع المتعلّم مدى الحياة، مع مراعاة الأغراض اللغوية لكلّ فئة تعليمية. ونذكر بأنّ الهدف ليس تحويل من يتعلّم اللغة الفصحى ليصبح معلّمًا للّغة العربية، أو متخصصًا فيها، وإنما الغاية من تعلّم اللغة العربية وتعليمها في المراحل الأولى من تعلّمها هي استخدامها اليومي بشكل سليم وصحيح (محادثة وقراءة وكتابة ونطقًا)، في جميع شؤون الحياة التي يكون فيها مستخدم اللغة.
كذلك على المتعلّم إتقان اللغة العربية واستيعابها، حتى يتمكّن من فهم واستيعاب المفردات والتراكيب والجمل وكيفية صَوغها واستخدامها بشكل صحيح، ليتمكّن من استيعاب التخصّصات الأخرى التي تعتمد على العربية، بصفتها لغةَ تلك التخصّصات والمهن. إنّ المتقن للّغة العربية الفصحى يستطيع أن يحلّل ويقارن ويبحث وينقد ويناقش، ويراجع ويفسّر ويعلّل ويفكّر ويبدع بها، إضافة إلى غيرها من المهارات والمعارف والقدرات اللغوية.
واللغة العربية مثل كلّ اللغات لها مستويات متعدّدة، فهناك فرق بين لغة الشعراء والكتّاب وبين لغة الأساتذة المتخصّصين في اللغة، وكذلك بين اللغة العربية السليمة التي تُدرَّس في المدارس الحكومية أو الأهلية، وهي اللغة التي تُستخدم بشكل سليم في الإعلام المقروء والمسموع والمكتوب الرسمي، وهي لغة سليمة ومفهومة للجميع. ولهذا نوصي المتعلّمين بتعلّم الفصحى السليمة، وننصح بعدم تضييع أموالهم وأوقاتهم في تعلّم العامّيات واللهجات التي لن يستفيدوا منها أيّ شيء سوى فهم فئة محدودة من الناطقين بتلك اللهجة العامّية، التي لا تصلح في التعليم والعمل والسياحة والتجارة والثقافة وغيرها من جوانب الحياة الأخرى. وتختصّ اللغة العربية الفصحى السليمة بأنها تمنح الهوية العربية لمن يجيد التحدّث والعمل بها ويستخدمها بشكل سليم، وفي الأثر يقال: “من تحدّث العربية فهو عربي اللسان”.